الجيش الروسي في أوكرانيا أوجعته جداً “هيمارس” فهل ينهكه الباتريوت؟
كتب باسل عبد الخالق
من المؤكد أن الحرب الروسية الاوكرانية تمثل نموذج جديد من الحروب في الوقت الحاضر وعينة من حروب المستقبل.
وتتعدد هذه النماذج وتتنوع الى حدود كبيرة، ويمكن لكلٍ منها أن تشكل مبحث أو مباحث خاصة بها لا تتسع لها صفحات العجالات الصحفية السريعة ولكن بكل الاحوال يمكن انتقاء بعضها لدلالاته الفاقعة.
وفي الايام القليلة الماضية ضجت وسائل الإعلام بأخبار المجزرة التي حصدت العشرات من الجنود الروس في هجوم اوكراني استهدف مركزاً لقوات التعبئة في بلدة ماكييفكا الخاضعة لسلطات دونيتسك الموالية لروسيا.
وقد أكد نائب وزير الإعلام في جمهورية دونيتسك الشعبية وقوع الهجوم نقلاً عن السكان المحليين، وكشف أن “الهجوم استهدف مبنى المدرسة المهنية في بلدة ماكييفكا بصواريخ هايمارس الأميركية”.
وانتقد مسؤولون محليون ومراسلون حربيون وجود مثل هذا العدد من الجنود في منشأة غير مناسبة من ناحية الأمن والتأمين، في حين أن وزارة الدفاع الروسية قد أكدت على سقوط نحو 89 جندياً روسياً في قصف أوكراني لنقطة تجمع روسية في إقليم دونيتسك جنوبي أوكرانيا بواسطة ستة صواريخ هيمارس.
الإشارة الروسية واضحة بأن السبب هو منظومة الأسلحة الأميركية التي يتهم الروس الولايات المتحدة بدعم الاوكرانيين بها، خاصة وان المتحدث باسم هيئة الأركان الأوكرانية أعلن كذلك مسؤولية قواته عن الهجوم ولكنه تكهن بأن عدد القتلى اكبر بكثير مما أعلنه الجانب الروسي وقد يصل للمئتين.
وما كادت ساعات تنقضي حتى أعلن الجيش الروسي مجدداً استهداف وتحييد نحو أربعمئة جندي أوكراني وتدمير أربع راجمات هيمارس.
فما هي هذه المنظومة التي تشغل الاعلام وتتسببب بكل هذه الآلام للجيش الروسي؟.
منظومة هيمارس
هذه المنظومة طورتها شركة لوكهيد مارتن في أواخر الـتسعينييات من القرن الماضي وبعد ان اكتملت دخلت في الخدمة الفعلية في العام 2005 حين بدأ الجيش الأميركي باستخدامها.
اسم المنظومة تمّ التداول به بقوة بعد أن أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن عن عزمه تزويد الاوكرانيين بعدد منها مع بدء الهجوم الروسي باتجاه أوكرانيا، وترافق ذلك مع تصريحات لوزير الدفاع الأوكراني يهدد الجنود الروس باستخدام المنظومة.
تصنف منظومة “هيمارس” على أنها وحدة سلاح متنقلة يمكنها إطلاق صواريخ عدة، دقيقة التوجيه، في وقت متزامن.
الراجمة الواحدة منها تحمل 6 صواريخ موجهة بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي “جي بي إس” (GPS)، ويمكن إعادة تحميلها في غضون دقيقة بطاقم صغير فقط.
يمكن للراجمة منها أن تحمل صاروخ تكتيكي من نوع “إيه تي إيه سي إم إس ATACMS” ويبلغ مداه 300 كيلومتر.
تستخدم لتوفير الحماية ضد نيران الأسلحة الصغيرة وشظايا قذائف المدفعية وانفجارات الألغام والأجهزة المتفجرة المرتجلة.
ورغم التغيرات الملحوظة في روايات القادة الأوكرانيين عن فعالية المنظومة في باخموت وقولهم إن “لا جدوى لأنظمة “هيمارس” (HIMARS) الصاروخية الأميركية في معارك مدينة أرتيوموفسك، وخصوصاً بعد فشلها في التأثير بشكل كبير في خطوط إمداد القوات الروسية” تبقى لهذه المنظومة فعاليتها ودورها الكبير في مواجهة الجيش الروسي.
واليوم ومع الوعود الاميركية لأوكرانيا بمساندتها بمنظومة الباتريوت الشهيرة، يتضح مدى الدعم اللوجستي الأميركي لزيلنسكي بأسلحة نوعية جداً من الاكثر تطوراً في العالم، يتضح أن الاعلان عن كل تزويد بمنظومات جديدة يأتي كنتيجة لفترات تحضيرية طويلة من التدريبات والنقل والتجهيز وهي منظومات تحتاج التدرب عليها لشهور، مما يرجح فرضية أن التدريب الفعلي بدأ قبل ذلك.
ماذا عن النتائج؟
وكانت صحيفة “نيويورك تايمز” في أحد تحليلاتها العسكرية بأنّ “قيادة الجيش الأوكراني توصّلت إلى استنتاج بأنّ القوات الروسية قد تكيفت بشكل ملحوظ مع الأنظمة الصاروخية الغربية، ونجحت في إعادة توزيع مستودعات الذخيرة لجعلها أقل عرضة للهجمات الأوكرانية”.
ولكن المجزرة الأخيرة أثبتت بأن الأمر يتعلق بما هو اكثر بكثير من مجرد نقل بعض القطاعات والوحدات وقد يكون المطلوب إعادة تحديث شاملة للجيش الروسي للتكيف مع معطيات الحرب الحديثة مما يبدو صعب المنال في الظروف الحالية،،،، سؤال برسم المستقبل القريب…. .
ولا ننسى أن الأميركيون والروس قد خبروا تاريخياً الخوض في حروب استنزافية طويلة الأمد في كل من فيتنام وأفغانستان وبقع كثيرة من العالم، ولكن يبقى للحرب في أوكرانيا طعمها وشكلها الخاص، فلمن ستكون الكلمة واليد العليا هذه المرة في الخاصرة الروسية وعلى صدر أوروبا المتعب؟.